الجامعات الحكومية وفرص الاستثمار

 
 
الدكتور بسام الزعبي
مديونية الجامعات الحكومية التي تزداد عاماً بعد عام، والبحث عن مصادر دخل إضافية للجامعات من هنا وهناك، وتزايد أعداد الطلبة سنوياً، جميعها تشكل هموماً اقتصادية وأعباءً مالية على إدارات الجامعات، بالرغم من توفر الكفاءات العلمية المتميزة (من أساتذة وطلبة) في تلك الجامعات، وملكيتها لمساحات واسعة من الأراضي، ومواقعها الإستراتيجية بالنسبة للمدن، والتي تعتبر عوامل نجاح لأي مشروع استثماري.
الجامعات العالمية ركزت على موضوع الاستثمار منذ عقود طويلة؛ بحيث تؤمن مصادر تمويل تضمن استمراريتها وتعزز قوتها ومتانة قدراتها المالية، وقد تكون جامعة هارفارد واستثمارتها والأوقاف التي تديرها أكبر مثال على ذلك؛ حيث تجاوزت قيمة استثماراتها وأوقافها نهاية عام 2021 أكثر من 53 مليار دولار، بعد أن حققت نمواً مستمراً بالعوائد، وكذلك الحال للعديد من الجامعات الأمريكية الأخرى، فقد حققت أوقاف معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا عائداً نسبته 56% في العام قبل الماضي، ليرتفع حجم أوقافه إلى 27.4 مليار دولار، فيما أوضحت جامعة براون أن أوقافها حققت أرباحاً وصلت إلى ما نسبته 52% ليرفع حجم أوقافها إلى 5.9 مليار دولار.
وأنا هنا أقدم هذه الأمثلة والأرقام للتأكيد على أن الجامعات لديها القدرة على التفكير بقضايا الاستثمار بكل قوة، وهي تحتاح لرؤية منفتحة على القطاع الخاص، وفريق عمل قوي ومتخصص قادر على خلق الفرص داخل جامعاتنا، وتقديمها للمستثمرين وفق معادلات ترضي الطرفين، فلا يعقل أن تبقى استثمارات جامعاتنا مقتصرة على تضمين المطاعم الجامعية، وتوفير مساحات للأكشاك الصغيرة، وتأجير بعض المساحات الإعلانية، وتأجير بعض المساحات التجارية.. وغيرها من الاستثمارات البسيطة التي لا تغطي شيء يذكر من الاحتياجات المالية الكبيرة للجامعات!!!.
الجامعات تتمتع بمزايا عديدة تجعلها محط اهتمام المستثمرين، في حال تم طرح فرص استثمارية محددة ومدروسة بشكل واضح لحفظ حقوق الأطراف، وعلى الجامعات التفكير بآفاق مفتوحة واتخاذ خطوات جريئة تنفتح من خلالها على المجتمع المحيط بها، وتتفاعل من التطورات المتسارعة في عالم الاقتصاد والاستثمار، وما يتوفر من فرص تطرحها هي أو يطرحها عليها المستثمرين، بحيث يكون الجميع مستفيد ويحقق أهدافه.
 
الجامعات الأردنية قادرة على تقديم الفرص الاستثمارية التي من شأنها تعزيز مكانتها العلمية والعملية والاستثمارية، من خلال استثمار قدرات كوادرها العلمية والإدارية وطلبتها في كافة التخصصات، فالعقل الأردني قادر على الإبداع والإنجاز إذا ما توفرت له الأرضية القوية والمناسبة للعمل، ومساحات الأراضي والمواقع الإستراتيجية التي تتمتع بها جامعاتنا، يجب أن تكون عوامل قوة لها ولأساتذتها وطلبتها. 
نأمل أن تتشكل في كل جامعة (بشكل فعلي وليس شكلي)؛ لجنة للاستثمار بالشراكة الحقيقية مع أصحاب الخبرة من القطاع الخاص، ونأمل أن نرى في جامعاتنا مصانع.. ومزارع حديثة.. وأبراج سكنية.. ومستشفيات.. ومدارس نموذجية، وغيرها الكثير من المشاريع التي يمكن أن يطرحها المستثمرين، إلى جانب الاستثمار باختراعات الأساتذة والطلبة؛ والتي يمكن أن تكون نواة لشركات ريادية ناجحة في المستقبل، فالجامعات تعاني مالياً والإنسان الأردني مبدع.

07-نيسان-2022 10:28 ص

نبذة عن الكاتب